أيقونة مؤتمرات اللغة العربية!… د. عبدالله غريب
في التاسع عشر من مارس عام 2012م، أقيم أول مؤتمر للغة العربية في بيروت بمشاركة أكثر من سبعمائة باحث ومشارك من سبع وأربعين دولة، ومشاركة 158 جامعة عربية وغير عربية. ناقشوا في ثمانٍ وثمانين ندوة وجلسة 250 بحثًا ودراسة قُدمت للمؤتمر حول اللغة العربية وآدابها، وحملت وثيقة بيروت الأولى عشرين بندًا وحددت عنوانًا للمؤتمر الثاني الذي عُقد عام 2013م في بيروت: “اللغة العربية في خطر: الجميع شركاء في حمايتها”. ولا زلت أتذكر وقد تشرفت بالمشاركة في تأسيسه والعمل مع نخبة من الرجال الذين وضعوا اللبنات الأولى لهذا المؤتمر، الذي سيشهد في التاسع من أكتوبر الحالي نسخته العاشرة فإن هذا الجهد الذي يبذله المنسق العام في النسخة الأولى والأمين العام فيما بعد وحتى تاريخه لهذا المؤتمر العالمي المحكم هو الدكتور علي بن عبد الله موسى – أيقونة مؤتمرات اللغة العربية – إذ يحظى باحترام وتقدير آلاف الباحثين والمشاركين وضيوف المؤتمر، الذي اتخذ من دبي مقرًا له، برعاية كريمة وعطاء مادي ومعنوي من سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
والحقيقة أن الدكتور علي أصبح علامة فارقة مميزة في أمناء عموم المنظمات الدولية المماثلة لهذا المؤتمر بفضل رصيد خبراته التراكمية، وسعة صدره، وتفانيه في خدمة المؤتمر طوال كل عام، وقبل اقتراب عقده بأشهر لأي عام.
لا يثنيه عن النجاح المسبوق أي عمل، فضلًا عن الأعمال المناطة به كأكاديمي له وجوده وبصماته الواضحة، سواء في سيرته العلمية أو العملية. وكانت مؤسسة الفكر العربي – التي طُلب لها أن يكون أول من يتسلم ملف هذه المؤسسة ثم عُين أمينا عاما مساعدًا لها لمدة ثمان سنوات – بداية انطلاقته نحو تأسيس هذا الصرح، المتمثل “بالمجلس الدولي للغة العربية”، الذي تأسس بمبادرة من اليونسكو عام 2008م، حيث اعتُبر هذا العام عامًا دوليًا للغات. ثم تم عرضها على المؤتمر العام لاتحاد الجامعات العربية بمشاركة 150 رئيس جامعة عربية، والذي نتج عنه هذا المجلس كهيئة دولية مستقلة. فكان من ثماره هذا المؤتمر السنوي، انطلاقًا من بيروت واستقرارًا في دبي، بالإمارات، بعد أن كبر واتسع دوره بشكل يوحي بأن خلف هذا الإنجاز لخدمة لغة القرآن الكريم والسنة النبوية، رجلٌ يعمل بصمت ويحقق النجاح تلو النجاح، وهو الدكتور علي بن عبد الله موسى، أمين عام المؤتمر.
ولم يكتف بهذا، بل له إنجازات مماثلة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تأسيس الاتحاد الدولي للغة العربية، والجمعية الدولية لأقسام اللغة العربية، والاتحاد الدولي للترجمة العربية، والاتحاد العربي للتقويم والاختبارات. كما أسس عددًا من المجلات العلمية للغة العربية والتعليم والإعلام، وعددًا من الموسوعات، وله العديد من المبادرات العربية والدولية، ونظم الكثير من الندوات والملتقيات وورش العمل التي أثمرت ونتج عنها وثائق وقوانين لخدمة اللغة العربية للناطقين بها ولغير الناطقين بها.
واليوم، يدعو الدكتور علي بن عبد الله موسى، الأمين العام للمجلس الدولي للغة العربية، مئات المسجلين (الباحثين والمشاركين) في المؤتمر الحالي العاشر العلمي المحكّم للغة العربية، إلى ضرورة الالتزام بموعد التسجيل واستلام وثائق وحقيبة المؤتمر وجدول أعمال المؤتمر يوم غدٍ الأربعاء التاسع من أكتوبر 2024م في مقر إقامة المؤتمر بفندق الموفنبيك (البستان) في دبي، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي. وسيُقام حفل تسليم جائزة سموه للغة العربية للفائزين بالجوائز التي قدّرت بمبلغ سبعمائة وسبعين ألف دولار موزعة على خمسة محاور تشمل اثنتي عشرة فئة في محاور التعليم، والتقانة (التكنولوجيا)، والإعلام والتواصل، والسياسات اللغوية والتخطيط والتعريب، إلى جانب الثقافة والفكر ومجتمع المعرفة. وقد خُصص لكل فئة مبلغ سبعين ألف دولار تضمنها دليل الجائزة. كما سيتم افتتاح المؤتمر صباح الخميس العاشر من أكتوبر، الذي سيشهد عددًا من الكلمات لأصحاب المعالي والسعادة رؤساء المنظمات الدولية ذات العلاقة، ويستمر لمدة يومي الجمعة والسبت بحضور مئات الباحثين والمشاركين لمناقشة وقراءة مئات أوراق العمل والبحوث وورش العمل والمعارض، ثم يختتم المؤتمر أعماله بحضور عشرات الدول على مستوى العالم كالمعتاد.
انعطاف قلم:
عودًا على بدء، هل ما زالت اللغة العربية في خطر؟ هذا العنوان للمؤتمر الثاني تمخض عن وثيقة بيروت الأولى، التي طُبعت في قرابة أربعين صفحة حول عشرين بندًا ركزت عليها الوثيقة حينها. والسؤال: هل للمؤتمر القادم أن يناقش ويقيّم مخرجات مئات الأبحاث والتوصيات التي صدرت عن عشرة مؤتمرات حضرها قرابة خمسة عشر ألف باحث وباحثة من دول العالم التي شاركت في هذه المؤتمرات ولو في جلسة واحدة من جلساته ؟