الآفة المهلكة والمصيبة النازلة … عثمان بن عبدالله آل عثمان
يأتي خطر الإشاعة أكثر وجعا وأقوى إيلاما وقت الأزمات المحدقة والظروف الحالكة، لذا وجب التبين والتبصر من ذوي الألباب والأفهام قبل إذاعة الأخبار ونشرها، قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) في معرض هذه الآية الكريمة تأنيب وقرع شديد من الولوج في هذا المسلك الخاطئ والنفق المظلم، والذي وصف الخالق – جلت قدرته – الواقعين فيه والمغرمين به بالفسق وتجاوز حدود الدين؛ لشناعة ما ارتكبوه وفضاعة ما أحدثوه.
وقد حذر الشارع الحكيم من مغبة نقل المرء لكل نبأ يسمعه، قال صلوات ربي وسلامه عليه: ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )؛ وما ذاك إلا لسوء الأثر المترتب على التساهل في هذا الأمر والتعاطي معه، وفداحة النتيجة الواقعة من جرائه.
ولدرء أخطار هذه الآفة المهلكة والمصيبة النازلة – أعني الإشاعة – فهناك ثمت تدابير راسخة ومناهج واضحة أرشدنا لها ديننا القويم في التعامل مع جملة الأخبار وكل تفاصيلها، أسوقها هنا للتذكير بها وللأخذ بفحواها:
أولا.التأني والتروي والنظر في عواقب الأمور قبل أن تقع الفأس في الرأس، وقبل أن يجنى على الأفراد والمجتمعات بالشر والضرر المحض من أخبار مغلوطة أو مكذوبة لم يتم التأكد من مصدرها ومصداقيتها.
ثانيا.التثبت في الأخبار والرجوع لأهل الشأن من أهل الحل والعقد في استبانة الحال قبل الخوض جهلا وافتراء في قضايا غير محتملة أو ظنية لامستند لها، ينقصها الدليل القاطع والبرهان الساطع.
ثالثا.التفكر في مضمون الأخبار المنتشرة ومحتواها، فليس كل ما يقال ويهمس به يمكن الاعتماد عليه والإذعان له والتسليم به، فلانجعل عقولنا منقادة وألعوبة في أيدي المغرضين والأفاكين وأهل الفتنة.
رابعا.مواجهة معاول الهدم وتجفيف منابعها القذرة والآسنة، والكشف عن مساعيها وتوجهاتها الحقيرة، وترك الاستجابة لإملاءاتها وإيحاءاتها، والاكتفاء فقط بما تسوقه الجهات المعنية مأمونة الجانب، والتي هي محل الثقة.