الصوم : الفوائد الطبية والتأثيرات العلاجية … الدكتور / طلال أحمد *
•يقول علماءالانثروبولوجيا (أومايسمى بعلم دراسة الإنسان ) أن الانسان عرف الصوم ومارسه منذ فجر البشريه على الرغم من أن التاريخ لايحدد لنا بدقة أول صوم منظم عرفته البشرية ولكن الذي هو ثابت هو صوم الفراعنة الذين كانوا يصومون بطريقة خاصة في أيام اعياد محددة وكذلك فإنه من المعروف أن الصينين القدماء مارسوا الصوم وخاصة أيام الفتن حسب ماتأمرهم به شعائرهم الدينية أما الأغريق القدماء فإنهم عرفوا الصوم بطرق مختلفة ولعل هيبوقراط أشهر أطباء اليونان القدماء في القرن الخامس قبل الميلاد هو أول من وصف طرق الصوم وأهميته العلاجية على حين أنه في عهد البطالمة بمصر حيث كانت الاسكندرية مركزاً للاشعاع الحضاري وكان أطباؤها أشهر أطباء العالم فكانوا ينصحون مرضاهم بالصوم لكي يعجلوا شفاءهم من بعض الأمراض. لقد فرض الله تعالى الصوم على النبي موسى عليه السلام وعلى اليهود كما فرضه على المسيح عليه السلام وعلى النصارى الذين يصومون بأساليب معينة وفي أوقات محددة ثم جاء الإسلام وفرض الصوم ولكن بأسلوب آخر فيوم الصائم يبدأ من أول آذان الفجر إلى آذان المغرب أي حوالي 16 ساعة يومياً لمدة شهر واحد في السنة فهذا الصوم فضلاً عن كونه أمراً تعبدياً فإنه فيه من الفوائد الطبية مالايعد ولايحصى فقد دأب الكثير من العلماء والباحثين على دراسة أسراره الطبية وخرجوا بنتائج يطول شرحها وخلصوا بنتيجة أن الصوم ضروري لحياة وصحة الانسان وأن أي مخلوق إذا أمتنع عن الصوم لابد وأن يصاب ببعض الأمراض لأن الصوم يساعد الجسم على تنشيط وظائفه البيولوجية فعند الصيام تقل كمية الطعام وعدد الوجبات الغذائية مما يؤدي إلى المساعدة في تنظيم التنفس لأن الأمعاء بما فيها من طعام قليل لن يضغط على الصدر والقلب فيحدث التنفس بصورة مريحة ويقل عدد ضربات القلب ومرات التنفس لأن الجسم أثناء الصوم يكون في غير حاجة لبذل مجهود كبير أو دفع كمية كبيرة من الدم إلى الجهاز الهضمي وذلك للمساعدة في هضم الكميات الهائلة من الطعام كما هو الحال في أيام الأفطار العادية ونظراً لأن الجسم أثناء الصوم يستهلك كمية أقل من الغذاء لتزويده بالطاقة الحرارية اللازمة فإن هذا يعني حصول الجهاز الهضمي وغدده من كبد وبنكرياس على فترة من الراحة لتسمح له بتجديد خلاياه وأنسجته التالفة هذا بالإضافة إلى تقليل العبء الواقع على الجهاز القلبي والدوراني والدم حيث تقل كمية الطعام المهضوم الممتص والذي يحمله الدم عبر الأوعية الدموية إلى جميع أجزاء الجسم كل حسب نوعه وبالطبع ينجم عن هذا قلة الفضلات الناجمة عن عمليات التمثيل الغذائي والتي يسبب وجودها أرهاقاً للكليتين.
من الحقائق التي توصل إليها العلماء كفوائد للصوم هي أن الانسان عندما يفرط في تناول الأغذية والأدوية فإنه قد يصاب بالتسمم بالعناصر الداخلة في تركيبها وأنه أحوج مايكون إلى الصوم أياماً متتالية بل أسابيع لطرد هذه المواد الدخيله على الجسم.
كذلك فإن الدراسات الحديثة تشير إلى أن أول الأعضاء التي يتغذى عليها جسم الانسان أثناء الصوم هي الأعضاء المصابة بالأمراض والشيخوخة وخاصة المحتقنة والمتقيحة والملتهبة حيث تكون أول الخلايا المستهلكة وأول مايتأكسد من أنسجة الجسم ويحترق ولذلك فإن في الصوم الخلايا التالفة والأورام والزوائد اللحمية والاكياس الدهنية والأورام الليفية يصغر حجمها وهذا ثابت على الصور الشعاعية التي تؤخذ للمرضى، إضافة لذلك فإن الذي يقول أن الصوم يعطل التئام الجروح والكسور فإنه يكون مخطئاً فقد أثبتت الدراسات العكس تماماً فإن الجسم يستنفذ أنسجته الأقل أهمية في إصلاح الأنسجة الأكثر أهمية .
وقد أكدت الدراسات الطبية أن المخ أثناء الصيام يفرز مادة الفيلادين ومادة الأندوفرين التي تعمل على ضبط الأعصاب وأستعادة توازنها وتهدئة الانسان دون الاستعانة بتناول المهدئات كما أن هذه المادة يزداد أفرازها عندما يصبر المسلم ويجاهد نفسه ويواجه الأمور بعزم متمسكاً بعقيدته ويزداد تدفقها مما يوقف أستمرار تيار الالم في العضو المصاب ، ومنعه من الانتقال عبر الأنسجة العصبية الى الجزء الخاص في المخ بتفسير الالم والاحساس به أي أن الصوم يعتبر من أعظم طرق الطب الطبيعي لإزالة حالات الشعور بالألم أو تقليل حدوثه على الأقل .
عدا عن ذلك فإن الصوم علاج أساسي لكثير من الأمراض القلبية والجهازالهضمي والكبد والكلي والمسالك البولية عدا عن دوره في علاج بعض الأمراض الجلدية والضعف الجنسي ، والتفصيل في هذه المواضيع يحتاج منا إلى وقت طويل .
ولكن خلاصة القول إن الصوم فرصة ذهبية لإستعادة الجسم البشري توازنه البيولوجي وتجديد نفسه بنفسه وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال ” صوموا تصحوا ”
_____________________
* أخصائي الجراحة العامة بمستشفى الحمادي بالرياض