القات القاتل..! طلال عبدالكريم العرب
في الصميم
• القات مَذهَبةٌ للعقل، وتلفٌ للمال، ومضيعة للوقت.
ابتُلي معظم اليمنيين بالإدمان على القات، الشماليون منهم تحديداً، بمن فيهم الجيش والشرطة والحرس الجمهوري، ومعظم من يمسك بمفاصل السلطة وقرارها، وهذه ظاهرة شاذة غير حضارية ولا يوجد لها مثيل في العالم من أقصاه إلى أقصاه، وهذه والله لكارثة ما بعدها كارثة!
فالزائر الى صنعاء، ومدن الشمال تحديداً، يكتشف أن المزاج العام، الرسمي والشعبي والعسكري، يتغير في ساعات معينة من كل نهار، سيلاحظ بعد الظهر حركة سريعة وتزاحماً على أسواق بعينها، هذه الأسواق تشبه أسواق بيع الخضار، إلا أنها هنا لا تبيع إلا القات، فترى القوم يتسابقون على شراء الطازج منه، أما كبارُ القوم وأغنياؤهم فهناك أصناف من القات تُحجز لهم، ولها أثمان مرتفعة، قد تجاوز 14 ديناراً كويتياً للحزمة الصغيرة.
بعد عمليات البيع والشراء تهدأ الحركة في العاصمة والمدن، ترى الناس، كلٌّ يحمل تحت إبطه كيساً بلاستيكياً به قاته، وكل يمني نفسه بجلسة تخزين معتبرة، لمدد قد تصل إلى ثماني ساعات متواصلة، تتوقف خلالها الحياة، ويختفي من بيدهم مقاليد الحكم وحماية أمن البلد في مقايلهم، أما البلد، فيُترك حبله على الغارب، وكأنهم يقولون لمن يريد صنعاء ان تفضل، فهي جاهزة لمن سبق، وهذا بالفعل ما حصل.
تعاطي القات منتشر بين العساكر بشكل ملحوظ، فمن يمر ما بعد العصر على أي نقطة تفتيش للجيش اليمني سيلاحظ أمرا مشتركا بينهم، سيرى ضباطا وأفرادا، كل يمضغ قاته، وقد زاغت عيونهم وانتفخت أوداجهم، وبان عليهم الكسل والخمول وبطء الحركة، فماذا لو هاجمهم أحد الإرهابيين الآن؟ فسقوطهم بلا مقاومة أمر مؤكد لا شك فيه، وهو وضع عجيب غريب أن يسمح للعساكر بالإدمان عليه وتعاطيه في أوقات عملهم!
القات منشط في حال تعاطيه، وما إن يذهب مفعوله حتى يحول متعاطيه الى انسان متبلّد ومجهَد، فهو مَذهبة للعقل وتلف للمال ومضيعة للوقت، فلا صادرات ولا انتاج ولا تصنيع، تجرد الأراضي الزراعية من محاصيلها لتستبدل بزراعة القات، فهي رابحة لبائعها، مهلكة لليمن!
لا شك في أن من خطط للحوثيين كان على معرفة أكيدة بأوقات تعاطي القات وطقوسه، كما يعلم تأثير الإدمان فيهم، وتلهفهم على تخزينه، وهو يعرف تماماً أن العساكر المتعاطين لهذه النبتة الشيطانية لن يستطيعوا أن يصدّوا أي هجوم، لا هم ولا ضباطهم، لأنهم أصلا منهكون مخدّرون بعد جلسات القات الطويلة.
القات هو ملك اليمن غير المتوج، فهكذا يسميه اليمنيون، فهل كان هذا الملك سببا في سقوط صنعاء؟!
القبس
طلال عبدالكريم العرب
talalalarab@yahoo.com