القراء يعودون لعصر “الكتبيّة” في “إثراء”
الظهران–
كثيرًا ما يحتار القارئ بالكتب التي انتهى من قراءتها، وفيمعظم الأحيان تتراكم هذه الكتب في مكتبته بلا جدوى. من هنا جاءت فكرة (الكتبيّة)، وهو معرض لمقايضة الكتب، أطلقه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) في الظهران،هذا الأسبوع، تزامنًا مع بدء مسابقة (أقرأ)، بهدف إعادة تدوير الكتب بين القراء ومنحهم فرصة الاستفادة من الكتبالمقروءة باستبدالها بكتب أخرى، إذ يعيد (الكتبيّة) إحياءفكرة سوق الكتبيين الذي كان يهتم بالكتاب المستعمل.
ومنذ اليوم الأول بدت حماسة القراء العالية في مقايضة كتبهم بأخرى، مما عكس حالة فريدة من التبادل الثقافي والمعرفي بين القراء الذين يختلفون في ذائقتهم القرائية ويتفقون في فكرة تبادل الكتب، بما يضمن انتقال محتواها الثمين من فرد لآخر، على أن يكون الحد الأعلى المسموح إحضاره للمقايضة هو ١٠ كتب.
ليس هذا كل شيء، إذ يشتمل (الكتبيّة) كذلك على ٥ منصات لتوقيع الكتب مع نخبة من الكتاب، الذي يشاركون بأحدث اصداراتهم، ليكون الزوار على موعد معهم يوميًا في تمام الثامنة مساءً، وذلك حتى نهاية هذا الأسبوع الزاخر ثقافيًا ومعرفيًا، مما جعل القراء يجمعون بين المقايضة واقتناء كتب مزينة بتواقيع كُتابها.
ويبدو مسمى المعرض لافتًا، وهنا يوضح المستشار الثقافي لمركز (إثراء) طارق الخواجي، أن (الكتبيّة) تسمية تدل علىمقايضة البضائع بالكتب. مبينًا أن المعرض قائم على فكرة عدم دفع أي مبلغ مالي في أي كتاب، بحيث يجد القارئ كتابًا إما أنه كان يبحث عنه أو ربما أدهشه فجأة أو يستدل عليه بشكلٍ غير مقصود.
وأشار الخواجي لكون أهمية (الكتبيّة) تزداد بالنظر لكون المنطقة الشرقية لا يوجد بها أي مكتبة متخصصة ببيع الكتاب المستعمل. مبينًا أن المعرض يعكس فكرتين أساسيتين، الأولى متعلقة بالقارئ الشغوف الذي جاء للبحث عن كتاب يثير اهتمامه، والثانية تحمل جانبًا انسانيًا حين يضع القارئ في حسبانه أن يوفر الكتاب الجميل للآخرين.
ولا ينضوي ذلك على فكرة التخلص من الكتب الرديئة واستبدالها بأخرى جيدة، كما يؤكد الخواجي، بقدر ما هي تدفع القارئ الراغب في مشاركة الآخرين قراءاته والحصول على قراءات جديدة. وبسؤاله عن مشاركة الكُتاب في منصات توقيع الكتب، يقول “أعتقد أن الجزء المفقود في المشهد الثقافي هو القدرة على الوصول للكاتب والتحاور معه حول نتاجه، لذا هي فرصة سانحة أوجدناها اليوم في (الكتبيّة)”.
ومن ضمن الكتاب المشاركين بأحدث اصداراتهم في المعرض، الدكتور عبدالله السفياني، وذلك ضمن كتب إصدارات (أدب) في مبادرة إثراء المحتوى، مؤكدًا أن إثراء أصبحت عينًا وطنية عالمية على الثقافة. وتحدث عنمشاركته باسم دار أدب للنشر والتوزيع عبر المشروع الذي أداره مركز إثراء مع (أدب)، قائلًا “هو يأتي من أجل ترجمة عدد من الكتب المميزة والمهمة في مجالات مختلفة من المعرفة، في الفلسفة والفكر والثقافة والسير الذاتية والمذكرات والفيزياء والعلوم وغيرها من النواحي العلمية التي يحتاجها القارئ السعودي والعربي“.
وأفاد السفياني بأن هذا المشروع قدم إلى الآن ١٠ إصدارات، واصفًا كل اصدار بأنه درة من الدرر التي احتفى بها القارئ العربي وتشاركها الكثير من المثقفين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات الاعلام. وأشاد بالأسبوع الثقافي الذي يعيشه مركز إثراء حاليًا، تزامنًا مع انطلاقة مسابقة إثراء للقراءة (أقرأ).
وفي جولة بين أروقة (الكتبيّة) بدت الدهشة مختلطة مع الفضول والشغف، إذ تقول القارئة ياسمين المحمود “كنت أبحث عن رواية سيدات القمر لجوخه الحارثي التي نفدت من المكتبات، وحصلت عليها اليوم!”. وتكرر الأمر مع زوار آخرين ممن وجدوا ضالتهم في هذا المعرض الذي فتح شهية القراء لتبادل قراءاتهم ومعارفهم.