جمادات حية … مها النصار
* كم نقيد الإنسان ثم نبحث عن أنسنته ! نبحث عن الحياة في الحياة …
نحاول جاهدين التأقلم وندعي التكيف وما نحن إلا أشرعة تصارعها العواصف وتتقاذفها الأمواج فالحياة اليوم مختلفة عما ألفناها
يعيش البعض منا حالة الجمود ويتغلغل داخله الجفاف حتى استقرت وسكنت أعماقه غربة لا يقوى المكوث فيها وفجوة لا يحتمل ردمها ووحشة لا إيناس فيها ، فأين الخلاص ! لقد أصبح في هذا العالم يعيش الفردانية يلوذ إلى العزلة حتى ضاقت الصدور بما رحبت شيئا فشيئا ثم فجأة يدرك أنه ضيع حقه في العيش فبدأ يبحث عمن يشاركه رغيف الحياة فعاد ليبحث عن الجمال والسعادة والحياة في الحياة التي تذوق طعمها سابقا ثم تلاشت اليوم ،فعليا لقد استعمرتنا الأجهزة وكبلتنا بقيودها وطوقت أعناقنا واستحوذت على منابع الاحساس لدينا .
فأدركنا أن هذه الأجهزة حصرتنا حصارا شديدا بين مد الماضي وجزر المستقبل ، جعلتنا نعيش حالة من التأرجح في كل الأزمنة عدا الحاضر
الحاضر الذي هو (جد )اليوم و(أب )الآن يرفض استقبالنا ويرمي بنا لنتناثر بعيدا عن الواقع .
لم يغفر لنا تشبثنا بأزمان لا يد لنا فيها ، هاهو الآن يكف أيدينا أن تحرث أرضه .
أشغلنا الحديث بما فات وأنهكنا اللهث خلف المستجدات وعذبنا التيه في الطرقات وأوجعنا ألم الشتات …
هل عز على الحاضر أن يمنحنا مساحة لنحط رحالنا فيه ونرسم مصيرنا عليه !؟!
نريد أن نعيش حياتنا لا يسرقنا منها أحد نريد أن نشعر بوجودنا نريد أن نعمل تحت ظلال صباحنا ونرتاح على وسادة قيلولتنا ونسكن فراش ليلنا .
نريد أن نحس بأطراف يومنا ، بدفق شعور صدورنا ، وحياة روح أرواحنا،
نريد أن نعود لنتحلق حول أحبتنا نتفحص ملامح بعضنا ، نسمع أحاديثنا ، نسرق الضحكات من أفواهنا ….
فالحياة بلا حضور أصابتنا بمقتل .