“دربي ” سقوط الأخلاق …. سليمان الجمهور
بعيداً عن الفوز والخسارة ومن ستؤول له البطولة، فإن من لا يفوز اليوم حتماً سيفوز غداً، بديهيات معروفة في كرة القدم، فمن يتابع ويشجع بتشنج هو من يشوّه الوجه الجميل للرياضة، فالجماهير الرياضية (البعض منها) ليست بمعزل من ترهات التشنج والتعصب، ومن تابع مباراة الـ«دربي» بين الهلال والنصر أول من أمس لاحظ بأنها من أفشل الـ«دربيات» في تاريخ الناديين، فلم يكن أحد يتوقع أن تظهر بذلك المظهر السيء الذي سقطت فيها كل قيم الأخلاق الرياضية بفعل الإعداد الهلالي الغير حضاري لمباراة مهمة تنافسية يجب الفوز فيها.
وضح منذ أن أصبح اللقاء حتمياً وعلى الأبواب، وقبله بمسافات خرج علينا أصحاب لغة التحدي الفاشلة سواءً من لاعبين أم جماهير وحتى إداريين! وكادت رابطة الجماهير الهلالية، أن تنزلق في الوحل عندما تم إعداد «تيفو.. هيا تعال»، ولكن العقلاء في الرياضة منعوهم من تكرار أخطاء صُنعت مقدّماً بفعل من يمتهنون التعصب ويطربون للغة التحدي الفاشلة، ويسرهم منظر العداء بين اللاعبين وحال الغليان والاحتقان في أوساط الجماهير، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل إن إعلاميين من الطرفين سرهم الأمر، وخاضوا مع من ركبوا موجة التحدي البغيضة وطرحوا آرائهم بكل جرأة وصفاقة!
وقبل اللقاء، تابعت بعض التغطيات والآراء الإعلامية، فظهر شيء يندى له الجبين، ومن إعلاميين مخضرمين مع الأسف، يعتقدون أنهم بأقلامهم التي تقطر بـ«حبر التعصب» بأنهم سيساعدون فريقهم على الفوز، إنه تفكير سطحي، فهؤلاء لن تتطور أفكارهم سيظلون كما هم، وانتظروهم في أقرب لقاء.
والنصر جاء يدافع عن حظوظه في الفوز بالدوري، والهلال من حقه أن يناضل لأجل ألا يكون البساط الذي يعبر من خلاله المنافس إلى سُلّم البطولة.
نزال كان من المتوقع أن يكون من أجمل المباريات في الموسم، لكن الإعداد الهلالي لم يكن في الموعد، فجاء بفريق مشحون ومتوتر ولا يريد الخسارة بأية طريقة!
فسقطت كُل القيم التي كان يتمتع بها هذا الفريق، ففي المباريات التي لعبها الهلال طوال تاريخه كافة، لم يسبق للاعبيه أن تحصّلوا على ثلاث بطاقات حمراء في شوط واحد، بل إن معظم لاعبيه حصلوا على البطاقات الصفراء وقدّموا مستوى بعيد كل البعد عن الأداء الفني المطلوب، فالحماسة الهلالية لم تكن مبررةً، خصوصاً وأنهم لا ينافسون على البطولة، إلا أن حقهم في الفوز أمر مشروع، ولكن ليس بقوة «الذراع»، وهو ما حاولوا فرضه على أرض الملعب، ففقدوا كل شيء «المباراة والأخلاق».
التهجم على الحكم أمر مُعيب، وما فعله لاعب الهلال تجاه الحكم كان يفسر الحال التي عليها الفريق بمجمله، فإذا كانت الـ«دربيات» ستكون على هذا المنوال، فتباً لها من كرة، وتباً لها من «دربيات».
الكرة الآن في مرمى اتحاد الكرة للضرب على من يحاول أن يشوّه الجمال، وإن كنت أشك في انتصار الاتحاد للقيم والأخلاق، فستمر هذه المباراة كأن شيئاً لم يكن، وعلى طريقة «عفا الله عمّا سلف»، لتستمر نتائج المباريات تدار بمثل تلك الطريقة.
وختاماً، لا بد أن نُبارك للأخلاق الرياضية التي ظهر بها «أبطال دوري جميل» للمرة الثانية، فتصدروا طويلاً ومن الظلم أن يخسروا بطولتهم في آخر المشوار، وحق لهم الآن أن يبحثوا عن بطولة جديدة تؤكد أن العمل الناجح لا بد أن يُشاهد في النهاية يُثمر انتصارات مدوية.
الحياة