(مولود عاق) … مها النصار
بعيدا عن المجال الصحي وقريبا من واقعنا الفعلي وتحديدا في صميم ذواتنا، أكثر ما يثير تدفق الشرايين في الجسد هو الشعور، و أصعب حالة تمر على الإنسان هي حالة اتخاذ القرار، وخصوصا عندما تكون الخسائر واردة في كل جانب، و بين الكثرة و الصعوبة يولد من رحم المعاناة مولود عاق، لا يموت أبدا ويظل يصاحبنا في حياتنا دوما، المولود العاق هو الشعور بالألم. فيعيش الواحد منا في حاله اضطراب وثوران داخلي، سببه تموج النفس وتقلبها، فتضرب بمراكب الشعور بعنف، فيحدث التصادم اللانهائي واللاارادي ، فلا سبيل أمامه لاتخاذ القرار و السكون، ما أصعب اتخاذ القرار، وتزداد سرعة التصادم مع زيادة الوقت، فكلما تراكمت الحجب بين الخيارات ينهار ثم يبدأ من الصفر، و كل شعور هو بمثابة رمح يتغلغل بعمق، فلك أن تتخيل حجم وكمية الطعون، كل هذا الألم يعادل لحظة من لحظات اتخاذ القرار، في أمور مصيرية يتحتم عليها بدايه حياةَ، مستحيل كل من خاض هذه التجربة الموجعة أن يخرج منها معافا، و حتى لو كان الزمن كفيل بترميم الجروح، يكفيه مجرد ذكرى عابرة أن يستحضر كل هذه المعاناة، فقبل أن ننظر إلى المظاهر، علينا أن ننظر إلى المشاعر، وقبل أن تتسابق الظنون، نتذكر ألم الطعون، فرفقا ولطفا ببعضنا، فكلنا فقراء إلى الله.
تستحق هذه المشاعر المدارة و يستحق الحس الاحترام لنتمكن من الصمود أمام عصف الآلام التي امتزجت بمشاعرنا وباتت وكأنها جوهره
وحقيقة الأمر هي دخيلة جرت في عروقه
وليس لها خلاص إلا أن تدركها نسمات الرحمة من رب رحيم