رأي

هل توقف نموك ؟ ابتسام فهد الحيان

 

ارتبط مفهوم النمو منذ القدم ومن بين أدراج الدراسة تحديداً بالعمليات البيولوجية في الكائنات الحية من الوزن والطول ونمو العظام والعضلات وما يتبع ذلك .
إلا أن تأطير هذا المفهوم في قالب حيوي فقط ،فهو بلاشك بمنأى عن الحقيقة ،فحاجات البقاء الإنساني ليست محصورة في الجسد فقط .
فالإنسان كلٌ لا يتجزأ جسد ،روح، عقل يتنافسون في التطور والترابي المباح بالعناية والاهتمام ويذبلون جميعاً بالتقاعس والإهمال.
فكم من أجساد تسير في طرقات الحياة بيد أن الأرواح بداخلها مدفونة في دياجير الألم السرمدي.
ندرك أهمية التغذية الصحية ونسعى جاهدين للحصول على أكبر قدر معلوماتي عن تكامل الفيتامينات الغذائية ونتابع كل ماهو جديد في المجال الطبي،بحثاً عما يصلب قوامنا للسير في مناكبها.
ويظل السؤال
هل زاورت أحدنا فكرة الاهتمام بالنمو الروحي والعقلي ؟
ليخطو بضع خطوات عن تلك الصخرة القديمة ،ويعقد الهدنة مع رياح التغيير(في وجهة نظر البعض) لمغادرة تلك المرافىء البالية.
نحن بحاجة ماسة إلى فتح تلك الدواليب العقلية المغلقة ،والسماح لها بعناق نسمات الحداثة والوعي وإن لزم الأمر ارتداء قفاز الإصرار والإرادة وتطهير ماسبق من أفكار أصبحت رفيقة سوء للإنسان.
الروح تنمو وتزهر بالجمال والأمل لا الألم الدائم والتذمر ،وكذلك العقل إذا ما تم تغذيته بوابل من المعارف والإطلاع الشامل في كافة المجالات وليس قصرا على تخصص واحد.
*[ربيع الروح ]*
نحن كمسلمين لنا خارطة ربانية موحدة للنمو الروحي الحقيقي قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) <١>وتتمنذج هذه الخارطة بخلوة المملوك مع المالك وطلب الرضا والعفو والرجاء بحب والتقرب إليه بكل مايرتضيه من القول والعمل عبادة ومعاملة مع خلقه.
فمهما بلغ الإنسان من أسباب الأرض فلن تهدأ رياح الضجر والاجهاد النفسي(القلق)إلا بذلك التقرب من الله
والتسليم التام لمن بيده زمام الأمور،مودعاً بذلك درب الحاجة إلى البشر سالكاً الطريق إلى من أوجدهم.
*اجعل لروحك سلبيسل من كلام الله يومياً (ورد).
*اكثر من الذكر قرباً وتقرباً من الله وطعماً في رضاه
*داوي جراح قلبك بالاستغفار فالحاجة ملحة إلى تطهير الروح من الدرن قال تعالى(‏﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾<٢>
* تعبد بالتأمل والتفكر في الكون وابتعد عن صخب الحياة المدنية.
* ابحث عن سعادتك في أبسط النعم .
*اصنع بهجتك بنفسك وجاور السعداء اصحاب الاستحقاق العالي من الفرح لذواتهم.
*كن أنت الرقم الصعب من بين اقرانك .
*ابدأ رحلتك نحو التمكين الشخصي .
*انتقم من أحزانك بأعراس الفرح لحاضر مجيد تحيا به.
*[اليقظة العقلية ]*
يتصور البعض بإنهاء آخر مرحلة دراسية يكون آخر عهده بالكتب والقراءة وهذه بداية النهاية للاستبصار.
حيث أن العقل بلا ري المعرفة يضمر ولا يثمر وهذا بالطبع له أبلغ الأثر السلبي على تكيف الإنسان،فالحياة بطبيعتها تمتاز بالحداثة والتجديد والتغيرات الجذرية امتداد للتاريخ.
فإذا ارتوى العقل من بحور العلم والثقافة وقوّم اعوجاج جهله إلى الصلب ،حتما لن يجد صعوبة في فهم مستجدات الزمن و متغيرات الحياة ولا التعامل مع أنواع الشخصيات بل سيلحق بالركب و ينتشي أنفاس الاطمئنان،لا للغربة الفكرية أو الانعزال الروحي عن المجتمع ، بل يحقق بذلك التكامل المنظم لكينونة الفرد .
لن أتحدث من البرج العاجي،فيحدث أن ينطفىء الشغف ويهرم الوجدان وتتضاءل الاهتمامات والهوايات ،ولكن إياك ثم إياك أن تشيخ روحك ويشح عقلك.
بل انظر إليها ككبوة جواد وسوف ينهض ويكمل الصولات والجولات في ميادين الحياة بل ويقفز حواجز الممكن والمستحيل
سِنّي بروحي لا بِعَدِّ سنيني
فلَأسْخَرَنّ غداً من التسعين
عمري إلى السبعين يركضُ مسرعاً
والروحُ ثابتةٌ على العشرينِ <٣>

________
١/سورة الإسراء الآية ٨٥
٢/سورة الأنفال الآية
٣/ احمد الصافي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى