خطيئة داعش القاتلة!
عبدالله بن يحيى المعلمي
الإثنين 09/02/2015
منذ شهور ونحن نراقب بتعجب المد السريع لداعش في سوريا والعراق، وانبرى الكثير منا لتفسير هذه الظاهرة، فمنا من أرجعها إلى مظالم الطائفة السنية في العراق تحت حكم المالكي، ومنا من عزا هذا الأمر إلى تواطؤ النظام السوري، وهناك من قال: إن التدخل الأمريكي في العراق هو الذي زرع البذرة لوجود القاعدة في العراق، وداعش هي سليلة القاعدة، ولعل الحقيقة تأخذ من كل هذه العوامل ومن غيرها بطرف، وقليل منا كان يشعر تجاه المد الداعشي بشيء من الإعجاب الخفي لما تُمثِّله هذه الحركة من تحد للواقع المرير للأمة العربية والإسلامية، ولما تداعبه فكرة الوحدة والخلافة من مشاعر دفينة في النفوس، وضمن هذا القليل كانت تتحرّك داعش كالسمك في الماء، تستمد منه ما تدّعيه من شرعية، وتستقطب من أبنائه جنودها ومقاتليها، وتتباهى في أرجائه بما تحظى به من شعبية إن وجدت.
ولكن داعش ما لبثت أن تمادت في غيّها وبطلانها؛ بدءًا من جمع الضرائب والمكوس ومرورًا بفرض القيود الاجتماعية والحياتية على السكان، وانتهاء بفرض نمطها في العدالة القراقوشية، وأصبح من الواضح أن أسلوب داعش في الحكم والإدارة لا يستطيع أن يُعمِّر طويلًا، ثم بدأت الحركة في جرائم اضطهاد الأقليات غير المسلمة وتلك التي لا تنتمي إلى المذهب السني، ثم انتقلت نحو الهجوم على معاقل الأكراد السنة في عين العرب وغيرها، وشرعت في مسلسل الخطف والذبح الذي راح ضحيته رهائن من بريطانيا والولايات المتحدة واليابان وفي كل خطوة من هذه الخطوات كانت داعش تفقد جزءًا من بريقها وجاذبيتها، ولكن جمهرة الناس حتى وإن شعروا بالاشمئزاز والاستهجان لهذه الجرائم إلا أنها ظلت بعيدة نسبيًا عن متناول وجدانهم المباشر، إلى أن جاءت جريمة قتل الطيار العربي المسلم معاذ الكساسبة وبالطريقة الوحشية التي استعملتها داعش، فكانت القاصمة للضمير العربي والإسلامي والإنساني، وأضحت الخطيئة المميتة التي يمكن أن تُجفِّف حوض السمك الذي تبحر فيه داعش من مياهه، وأن تهيج مشاعر الجماهير العربية والمسلمة في الأردن وسوريا والعراق وتركيا بل وفي كل مكان إلى الحد الذي يمكن أن يدفع إلى تغيُّر نوعي في وسائل مواجهة داعش، والانتقال من مرحلة المداعبة بالضربات الجوية المتناثرة، إلى مرحلة حملة شاملة منظمة ترمي إلى استئصال هذا السرطان الخبيث من جسد الأمة الإسلامية وفكرها، على أن من الواجب أن نتذكر أن القضاء على داعش يستوجب حكما التصدي للنظام السوري واقتلاعه، فداعش تستمد جزءًا من كينونتها ومن أسباب وجودها من هذا النظام.
رحم الله معاذ الكساسبة، ولعل أجمل عزاء لأهله هو أن يكون استشهاده سببًا في القضاء على قتلته.
afcar2005@yahoo.com
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (19) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 – Stc
635031 – Mobily
737221 – Zain
المدينة