كُنت في مدرسة ” الوعيل” … سجدي الروقي
لعلني لن اضيف شئياً إلى مسيرة هذا الرمز الكبير ، فتاريخه يتحدث وبصماته مازالت شواهد على مسيرة الصحافة السعودية الحديثة ” وعندما يريد تلميذ مثلي ان يكتب عن الكبار تضمحل أمام عينيه الكلمات وتتطابق الاسطر فلا يدري مايقول وما يكتب !
من حسن حظي وحظ كثير من الزملاء اننا تتلمذنا لاكثر من خمسة عشر عاماً في مدرسة الوعيل نهلنا من روافد هذا النهر الجاري وشربنا من مائه العذب ، واحياناً عوقبنا لكي نتعلم ولا ننسى الدرس ولكي لا نضيع الفرصة.
وكما سبق وان قلت أنني لست مخولاً ولا مؤهلاً لكي اقيم مسيرة معلم واستاذ الصحافة ولكن بعد ان امتصيت الصدمة بوفاته وجف القبر الذي ضم جسده تذكرت مواقف تعلمت منها من مدرستي الكبيرة مدرسة محمد الوعيل وساسرد لكم جزء يسير من هذا المواقف.
اولها : في السنوات الإولى من تسلمه مهام رئاسة التحرير كلفت من مدير التحرير ” عبدالله العاصم” للاستطلاع حول خبر وصل للجريدة عن تجمع مواطنين أمام دائرة حكومية متذمرين من إجراء اتخذته الدائرة! توجهنا صباح ذاك اليوم الماطر أنا والمصور ” مسفر الغامدي” وفعلاً وجدنا تجمع كبير والمسؤول في وسطهم يحاول تبرير الإجراء التي قامت به الدائرة ” كتبنا وصورنا ووثقنا وفي اليوم التالي نشرت صفحة كاملة مواطنون ومسؤولين في فناء الدائرة ” على غير العادة” استدعاني الرئيس او كما يحب ان نناديه ” أبو نايف” وكما يحب ان يناديني دائماً ( البدوي الانيق) شكرني كعادته يشكر كل من يقوم بعمل ولو كان بسيطاً وقال لي ” لماذا لايكون عملك هذا صفحة أسبوعية تجمع المواطن بالمسؤول دون ” برتكولات” اجعل المكاتب والسكرتارية خلفكم فقط انت والمسؤول والمواطن،
قلت وكيف نجمع المواطنين ” هذا صعب!” ولإن كل عقده تجد لديه الحل قال” اعلان قبل المواجهة” وفعلاً خرجت سلسلة صفحات ” المواجهة” لسبع سنوات ، وكانت من انجح صفحات الجريدة ووجدت اصداء كبيرة وحاولت بعض الصحف نسخها ولكن بطريقتهم .
طلب مني يوماً النزول لمركز المعلومات بالجريدة وتقديم بيان بإسماء مسؤولي المنطقة الشرقية ” المتقاعدين” وارقام التواصل معهم ومنها انطلقت سلسلة ( رجال تحت الشمس) والتي تشرفت بالاشراف عليها وعملها لسنوات .
موقف اخر: كتبت يوماً زاوية في حدث معين كان حديث الشارع آنذاك وعندما رآني قال ” انت مشروع كاتب قادم واذن لي بكتابة زاوية اسماها هو ” ملح الكلام” واستمرت لسنوات !
كان يرحمه الله شعبوياً وطنياً مع المواطن البسيط دائماً ولكنه ليس ضد الوطن ، اوصاني عندما أذن لي بكتابة الزاوية بكلمات كانت أمام عيني ودوي صداها في أذني حتى يومنا هذا قال( انقد السلبيات بحب وليس بتشفي فالرأي لك والوطن للجميع ” وثق ان من أخطأ يعمل ومن يعمل فلا جريرة عليه)!
ولعل من باب قول الرسول صلوات الله وسلامه عليه ” أذكروا محاسن موتاكم” اسرد لكم قصة إنسانية للفقيد ” فقد كتبت في صفحة ” حالات” التي كان يشرف عليها الزميل عبدالله الدبيسي عن أسرة معدمة بحي الثقبة وفي يوم النشر اتصل بي الفقيد وطلب مني الذهاب معه لبيت هذا المحتاج وبالفعل توجهنا عقب المغرب انا وهو والزميل وائل المسند ” ونزل هو شخيصاً يطرق الباب ونحن في السيارة ” ولعله اعطى هذا المحتاج مايكفيه لسنة كامله.
مواقف عديدة جمعتني بإستاذي واخي احياناً كثيرة محمد بن عبدالله الوعيل “ولكن هذا ما خطر لي ان انقله ” رحمه الله وغفر له وعفى عنه وأموات المسلمين اجمعين.
▪️سجدي الروقي